وصايا واقتراحات من المعالم القرآنية في الصراع مع اليهود
إن التكليف الشرعي يقتضي منا أن نطبق أحكام ديننا الحنيف وأن نقف في وجه أي إلحاد فيه أو تحريف لنصوصه أو تعطيل لأحكامه، بغض النظر عن الموقع الذين نكون فيه أو الحالة التي نكون عليها.
وإلى جانب ذلك فإننا نوصي المسلمين بأن يكونوا على يقين وثقة تامة بوعد ربهم في أن الدائرة ستدور على أعدائهم في نهاية المطاف، فلا ينبغي أن يعرف اليأس والقنوط سبيلهما إلى قلوبهم.
1- إن هيمنة الكفار على الحياة السياسية العالمية وتسليط عملائهم على دعاة الإسلام في دياره سيكون له نهاية، فإن سنة التدافع تأبى أن تنفرد دولة أو مذهب باطل بالعالم وإدارة شؤونه. ﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40].
2- إن سنة الله سبحانه وتعالى الخاصة ببني إسرائيل ستتحقق ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأعراف: 167] إلى أن تأتي المرة الآخرة – أي الأخيرة – ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ﴾ وقد تقدمت الإشارة إلى ما يلحق بهم في وعد الآخرة: ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 7].
إننا واثقون من هذه السنة الإلهية فيهم وهي قادمة لا محالة لأنها وعد للمؤمنين ولن يخلف الله وعده، ووعيد لليهود ولن يعجز الله شيء في تنفيذ وعيده.
3- إن الحكم الشرعي الذي نتعبد الله به هو أن اليهود يُقبلون في دولة الإسلام وعلى الأرض الإسلامية كأهل ذمة. وأقلية تعيش بين المسلمين لهم حقوقهم التي نص عليها الفقهاء، والنصوص الواردة في الكتاب والسنة في حسن التعامل معهم على هذا المبدأ أما كدولة تحتل جزءاً من ديار المسلمين، فلا يجوز إقرارهم على ذلك شرعاً.
4- الحقائق التي ذكرها القرآن الكريم عن اليهود وأوضحت السنة النبوية تفصيلاتها من خلال التعامل مع اليهود حقائق ندين الله عز وجل بها – وقد أشرنا إلى جملة من ذلك في هذا الكتاب وطمس هذه المعالم أو تحريفها أو تأويلها عن دلالاتها الصحيحة تلاعب بدين الله وشرعه يستوجب على علماء الأمة – الذين أخذ عليهم العهد والميثاق – بيان أحكام دينه وشرعه ولا يجوز لهم السكوت عليها.
فيا حكام المسلمين:
اتقوا الله في رعيتكم التي استرعاكم الله إياها وأنتم مسؤولون عنها يوم القيامة “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته” واعلموا أن الله جعلكم أوصياء على هذه الأمة لترعوا مصالحها الدينية والدنيوية، فتكونوا بمثابة وصي اليتيم، أو راعي الإبل يهنأ جرباها ويرتاد لها المرعى الخصيب ويجنبها الأرض المجدبة والمسبعة.
ولئن أحاطت بكم ظروف لم تستطيعوا معها الدفاع عن الذمار وتحرير الأوطان فلا أقل أن تحافظوا على الوضع ولا تفرطوا فيه ليتسلم الأمانة منكم من آتاه الله القوة والمكنة ليعمل على رفع شأن المسلمين ويحقق الآمال.
ويا علماء المسلمين، لقد أخذ الله منكم العهد والميثاق على مقالة الحق وعدم كتمان العلم فلا تجعلوا من أنفسكم جسراً يمر عليه الحكام للوصول إلى أغراضهم الدنيوية وشهواتهم الوضيعة.
ولا تكونوا سلماً يرتقي عليه الطامعون إلى الأمجاد الشخصية ثم يدفعونه بأرجلهم إلى الأرض، فلا تبيعوا دينكم بدنيا غيركم.
إنكم القادة الحقيقيون للأمة إن اتقيتم الله في وراثتكم للنبوة وبينتم للأمة طريق الفلاح والسعادة على ضوء كتاب الله وسنة رسوله فلا خير فيكم إن تقولوا للمنحرف عن شرع الله قف واستقم على منهج الله.
ويا أيها المسلمون:
اتقوا الله في أنفسكم فلا تكونوا كقطعان الماشية تساق إلى حتفها بظلفها، فما قادتكم إلا أجراء عندكم، أنتم الذين تولونهم ومن كدكم وجهدكم وعرق جبينكم توفرون لهم وسائل رفاههم وبسواعدكم تدافعون عن عروشهم، وتبنون الأوطان وتعمرون الديار فاتقوا الله في أنفسكم وفي ديار المسلمين ومقدساتهم وطاقاتهم وثرواتهم ومستقبل الأجيال عن الضياع وتسليط الأعداء.
اللهم هل بلغت، اللهم اشهد