أولاً: الاستقبال يتناسب مع مكانة الضيف وأهميته ومعزَّته عند المضيف، ومع مكانة الجهة التي أرسلتْه، والتوصية التي يحملها، والهدايا التي يحملها.
أ- ورمضان عزيز على كلِّ مؤمن ومؤمنة؛ لأنه أحد أركان الإسلام: ((بُنيَ الإسلام على خمس: شهادة …)).
ب- رمضان مبعوثٌ من قِبَل ربنا سبحانه وتعالى؛ فتكريمه تكريم لمن بعثه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه ﴾ [البقرة: 185].
ج- في رمضان فضائل ومبشرات وهدايا، تجعلنا نرحِّب به، ونفرح لقدومه، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل شهر رمضان فتِّحتْ أبواب السماء، وغُلِّقتْ أبواب جهنم، وسلسلتِ الشياطين))، ((شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النيران)).
ثانيًا: أنواع الناس في استقبال رمضان:
كلٌّ يستقبل رمضان حسب مفاهيمه عن رمضان، ومصالحه في قضائها في شهر رمضان:
أ- أناس يرون رمضان وتكريمه من خلال الموائد العامرة.
ب- أناس يرون رمضان وقضاءه في ليالٍ ساهرة.
ج- وآخرون يقضون ليالي رمضان في زيارات وحفلات دائرة.
د- وفئة ترى في ليالي رمضان مواسمَ للطاعة والتعرض للنفحات العابرة.
فانظر نفسك مع أي فئة تكون في استقبال رمضان.
ثالثًا: إن الموسم قد يَفُوت على الإنسان إن لم يعرف استثمارَه؛ لذا فإني أضع المعالم التالية في برنامج لهذا الشهر الكريم والضيف العزيز، وبين يدي البرنامج أقول: إن هذا الشهر الفضيل اقترن بأربعة أشياء: الصيام، القيام، القرآن، الإطعام.
♦ أما الصيام: فقد فرضه الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
♦ وأما القيام: فقد سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم وندب إليه بقوله: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))، ((مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه)).
♦ أما اقترانه بالقرآن: فقد جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية ما يدلُّ على هذا الاقتران، يقول عز من قائل: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185]، ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1].
وكذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يومَ القيامة، يقول الصيام: أَيْ ربِّ، منعتُه الطعام والشهوة؛ فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان))؛ رواه أحمد، والطبراني، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
♦ أما الإطعام:
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أن مَن فطَّر صائمًا، كان له مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجره شيء)).
والبرنامج المقترح أن تطبق هذه الجوانب الأربعة بأحكامها وآدابها، وظواهرها وبواطنها، في رمضان في الحدِّ الأعلى منها، وبعد رمضان في الحدِّ الأدنى منها، وأن يبقى له بقايا ولو في الحدِّ الأدنى بعد رمضان.
أما الصيام: فكلُّ الناس يمتنعون عن الطعام والشراب والنكاح، ولكن القلة الذين يكفُّون عن الغِيبة، ويمسكون عن النظر الحرام، ويترفَّعون عن الخوض في الباطل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن لم يَدَعْ قولَ الزور والعملَ به، فليس لله حاجة في أن يَدَعَ طعامَه وشرابه)).
♦ أما الحد الأدنى بعد رمضان، فهو صيام ستٍّ من شوال؛ فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن صام رمضان، وأتبعه بستٍّ من شوال، كان كصيام الدهر)).
وكذلك صيام ثلاثة أيام من كلِّ شهر؛ فالحسنة بعشر أمثالها، كان كصيام الدهر، والأيام الثلاثة المسنونة هي الأيام البِيضُ: (الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر) من كل شهر.
أما قراءة القرآن:
فأقترح أن يُختم القرآن في رمضان أربع ختمات في كل أسبوع ختمة، بين القيام والقراءة الخاصة، وكان للسلف الصالح ختمات في رمضان غير ختماتهم في الأيام الأخرى، فمنهم مَن كان يختمه كلَّ ثلاثة أيام، ومنهم من كان يختمه كلَّ ليلة…
والحد الأدنى في غير رمضان أن يختم في الشهر مرة، وليكن وردُك اليوميُّ جزءًا من القرآن.
أما القيام:
فصلاة التراويح في ليالي رمضان مع الجماعة، وأهم من ذلك حضور الصلوات الخمس مع الجماعة، وسويعات أخرى تخلو فيها بربك، وتتعرَّض لنفحاته.
والحد الأدنى بعد رمضان المحافظة على القيام ولو بركعتين آخر الليل، وقبيل الفجر بأن تعوِّد نفسك على هذا الغذاء الروحي، واعتبره سحورًا مستمرًّا طوال أيام السنة.
أما إطعام الطعام:
فإن كنت من أهل اليسار، فحاول أن تُسهِمَ في موائد الإفطار، أو تدعو الناس خاصة الفقراء وطلاب العلم إلى مائدتك يوميًّا، فإن لم تستطعْ ففي الأسبوع مرة، فإن لم تستطع ففي الشهر الفضيل مرة، وذاك أضعف الأحوال.
وإن كنت غير ذلك – من غير أهل اليسار والغنى – فحاول أن تفطر فقيرًا أو قريبًا أو جارًا ولو على تمرات أو شربة من لبن.
والحد الأدنى بعد ذلك أن تطعم فقيرًا، أو تتصدق بصدقة في اليوم مرة، فإن لم تستطع ففي الأسبوع مرة، فإن لم تستطع ففي الشهر مرة، وذاك أضعفُ الأحوال.
أيها الإخوة، ينبغي أن نحتفي بالضيف الزائر الكريم، وأن تبقى لنا ذكريات بعد رحيله عنا.
والله المستعان، وعليه التكلان.