الدعاء: أهميته وآدابه وآثاره
شارك في التأليف الأستاذ الدكتور فتحي محمد الزغبي
أهمية الدعاء:
الدعاء لون من ألوان العبادة القولية، ومظهر من مظاهر العبودية والخضوع لله سبحانه وتعالى، والرغبة إلى الله عز وجل في قضاء الحوائج، وتخل عن الحول والطول والقوة وتفويض والتجاء إلى العظيم القادر بدفع الضر وجلب النفع. لذا جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لب العبادة فقال: «الدعاء مخ العبادة»[1] وفي رواية «إن الدعاء هو العبادة»[2].
وجاء الأمر بالدعاء في القرآن الكريم بصيغ وأساليب متعددة منها:
• قوله تعالى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55].
• وقوله تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].
• وقوله عز من قائل: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
آداب الدعاء:
يستحسن في الدعاء مراعاة الأوقات والأحوال والألفاظ:
1- أن يختار المرء لدعائه الأوقات الشريفة، مثل: يوم عرفة من السنة وشهر رمضان من الأشهر، ويوم الجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل.
2- ويغتنم الأحوال الشريفة، مثل: عند إقامة الصلوات المكتوبة، وبعد الصلوات الخمس، وبين الأذان والإقامة، وعند نزول الغيث -المطر- وعند زحف الصفوف في سبيل الله، وفي حال السجود.
3- ويغتنم أفضل الهيئات: فيدعو وهو مستقبل القبلة، يرفع يديه، ويخفض صوته، وبصره ويلح بالدعاء ويكرره ثلاثاً، ويوقن بالإجابة. فإما أن يعطى ما سأل، أو مثله من الخير أو يصرف عنه من الشر مثله.
4- ويختار في دعائه جوامعها، ويتجنب السجع المتكلف فيه، ويختار الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنها:
• «اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السماوات والأرض رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا غله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه»[3].
• «اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، فإنك أنت المقدم، وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير»[4].
• «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا والآخرة»[5].
• «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر»[6].
• «اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار، وفتنة النار، وعذاب القبر، وفتنة القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، وشر فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من المغرم والمأثم»[7].
• وهناك أدعية عند دخول المسجد والخروج منه، ودخول البيت والخروج منه وأدعية عند النوم وعند الاستيقاظ وعند الركوب…[8].
من أعظم آثار الدعاء:
1- رد البلاء: فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان فكذلك الدعاء والبلاء يتعالجان، فالدعاء كالأسباب التي تتخذ لتحقيق الغايات.
2- استجلاب الرحمة، فبعض أنواع الرحمة مرتبطة بالدعاء لا تنزل إلا عند وجود الدعاء.
حضور القلب وتعلقه بالله سبحانه وتعالى، فالغالب في الخلق أن لا تنصرف قلوبهم إلى ذكر الله عز وجل إلا عند إلمام حاجة، فإن الإنسان إذا مسه الشر فذو دعاء عريض[9].
[1] رواه الترمذي عن أنس بن مالك (3371) وقال حديث حسن غريب، 5/ 456.
[2] رواه أحمد في المسند عن النعمان بن بشير، 4/ 267، والترمذي (3372)، وقال حسن صحيح.
[3] رواه الترمذي (3392) وقال حسن صحيح 5/ 467، ورواه أبو داود (5067)، 4/ 316.
[4] متفق عليه، البخاري، رقم الحديث 7499، مسلم رقم الحديث 771.
[5] أخرجه الترمذي، رقم (3502) وقال حسن غريب 5/ 528، والبيهقي في السنن الكبرى (10234).
[6] أخرجه البخاري، الحديث رقم 6665.
[7] متفق عليه: البخاري الحديث رقم 6377، ومسلم الحديث رقم 589.
[8] وذكرت كتب الحديث أدعية رسول الله في كل مناسبة وفي كل ساعة من اليوم، فلتراجع.
[9] المهذب من إحياء علوم الدين، 1/ 272.