علم الفرائض (مقدمة وتعريف)
تقديم:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأُسلم على خيرته من خَلْقه، وخاتم أنبيائه ورسله، المبعوث رحمة للعالمين، وبعد:
فقد كان لهذا الكتاب قصة:
منذ عشرين عامًا تقريبًا كنت أُدرِّس مادة الفرائض في المعاهد العلمية بالمملكة العربية السعودية، وكنت أقوم بتدريسها ليس مادة علمية شرعية أحتسب عند الله سبحانه وتعالى أجْرَ تعليمها فحسب، بل كنت أهوى تدريسها؛ لِما لاحظت من تجاوب الطلاب الذين قمت بتدريسهم هذه المادة، وبرع كثير منهم في حل المسائل نظرًا لاعتمادي في حل المسائل على الطرق الحسابية الحديثة (القاسم المشترك الأعظم، والمضاعف المشترك البسيط)، إلا أن الانتقال إلى المرحلة الجامعية للتدريس في كلية الشريعة وكلية أصول الدين بالرياض، وما يسمونه التخصص في مادة معينة – حيث حصلت على العالِمية في تخصص التفسير وعلوم القرآن – حالَ دون القيام بتدريس هذه المادة المحبَّبة إلى قلبي، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعلموا الفرائض، وعلِّموها الناس)).
وأُسدلَ الستار على ما كنتُ كتبته في مذكرة مختصرة لطلابي في المعاهد العلمية، ومضى على ذلك وقت ليس بالقصير، من عام 1394 – 1406هـ، حتى خشيت على نفسي من نسيان هذا العلم، وكثرة المشاغل كانت تحول بيني وبين إعادة النظر فيما كتبتُ، ومراجعته، إلا أني كنت أُبدي أسفي وحزني على فِراق هذا العلم المحبب إلى نفسي في بعض المجالس، وربما سمع ذلك مني أكثر من زميل من أساتذة الكلية.
وفي أحد أيام صيف عام 1406هـ زارني الأخ الدكتور محمد سيد الساداتي الأستاذ المساعد بكلية الدعوة والإعلام – وهو أحد كرام الإخوة من حفظة القرآن والمتخصصين في الإعلام الإسلامي – وقال: إنني ومعي مجموعة نرغب في تعلم علم الفرائض، فهل لديك وقت تخصصه لهذا وتحتسبه عند الله؟!
لقد أثار هذا الطلبُ شجونًا كامنة في القلب، كما وضعني تجاه المسؤولية وجهًا لوجه، وأمام كل ذلك لم أستطع غير الاستجابة، وبخاصة أن الطلاب طبقة راقية من طلاب العلم، المقبِلين على تعلُّم هذا العلم لا يريدون من وراء تعلمه منفعة دنيوية، فقررت أن أُعيد النظر في المذكرة القديمة، وأُضيف إليها ما يحتاج إلى إضافة، وأُعدل بعض عباراتها، ثم تكرَّم الإخوة بإعادة كتابتها وتهيئتها للطبع والإشراف على طباعتها؛فلهم الشكر والتقدير من طلبة أوفياء.
وأرجو اللهَ سبحانه وتعالى أن يجعل هذا العمل في صفحة أعمالنا، وأن ينفع به طلاب العلم، وآمل ألا يحرمونا من دعوة صالحة في ظهر الغيب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الرياض في 20/ صفر 1407هـ.
••••
علم الفرائض:
تعريفه: هو علمٌ يبحث في المواريث ومستحقِّيها؛ لإيصال كل ذي حق إلى حقه.
الحقوق المتعلقة بالتَّرِكَة:
الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة، يقدم بعضها على بعض، مرتبة عند ضيق التَّرِكَة عنها:
1- مؤنة التجهيز والتكفين من غير إسراف ولا تقتير، وقدمت على الدَّين؛ لأنها بمثابة الكسوة الشخصية للحي، فلا تنزع عنه لوفاء الدَّين.
2- إيفاء الحقوق المتعلقة بعين من أعيان التَّرِكَة؛ كدَيْن برهن، أو أَرْش جناية متعلقة برقبة العبد الجاني، ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نفس المؤمن معلقة بدَيْنه حتى يقضى عنه))؛ رواه أحمد.
3- إيفاء الديون المُرْسلة في الذمة؛ كدَيْن بلا رهن، أو حق من حقوق الله تعالى.
4- تنفيذ الوصايا من ثُلُث[1] التَّرِكَة فما دون لغير الوارث، وإذا أذِنَ الورثة في تنفيذ الوصايا كلها نُفذت كلها، ولو زادت على الثلث، جاء تقديم الوصية على الدَّين في الذكر في قوله تعالى: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ .. ﴾ [النساء: 11] للاهتمام بشأن الوصية؛حتى لا يؤدي إلى التفريط بها، بينما الدَّين فوراءه صاحبه يطالب به.
ورُوِي عن علي رضي الله عنه أنه قال: إنكم لتقرؤون هذه الآية: ﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ [النساء: 11] وإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدَّين قبل الوصية.
5- تقسيم التَّرِكَة على مستحقيها، وهو موضوع هذا العلم.
أسئلة
1- ما هو علم الفرائض؟
2- ما هي الحقوق المتعلقة بالتَّرِكَة؟
3- هل تجوز الوصية بكل المال؟ وهل تنفذ؟
4- هل تجوز الوصية للابن أو الأخ أو الأُخت؟ ولماذا؟
[1] لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: ((الثلث، والثلثُ كثير، أو كبير، إنك أن تذَرَ ورثتك أغنياء، خير مِن أن تذَرَهم عالةً يتكففون الناس))، ولقوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم، زيادة في أعمالكم)).