العصر.. وشهر رمضان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 – 3].
• لله أن يُقسِم بما شاء من أسمائه ومخلوقاته.
• قسمُ الله تعالى بالمخلوقات يدلُّ على سرٍّ إلهي، أو حكمة إلهية في المُقسَم به، وقد أقسم بالأزمنة؛ ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾ [الليل: 1، 2]، ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾ [الضحى: 1، 2]، ﴿ وَالْعَصْرِ ﴾ [العصر: 1].
• والأمكنة: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 1]، ﴿ وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [التين: 2، 3]، ﴿ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴾ [الشمس: 5، 6].
• والأطعمة: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴾ [التين: 1].
• والنفوس: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴾ [الشمس: 7].
• وبالخيل: ﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا… ﴾ [العاديات: 1].
• فما المراد بالعصر؟ وما السرُّ في القسَم به؟
• قال المفسِّرون: المراد بالعصر: مُطلَق الزمن، وقال آخرون: هو صلاة العصر التي هي الصلاة الوسطى؛ ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ [البقرة: 238].
وقال بعضهم: العصر هو: الوقت المُمتد مِن وقت بلوغ ظلِّ كل شيء مثلَيه، ما عدا ظل الزوال إلى وقت غروب الشمس؛ أي: ما يُساوي ربع النهار، أو أقل بقليل.
فما أهمية الربع الأخير مِن النهار؟
• إنَّ الإنسانَ إذا عمل الربع الأول من النهار يكون في رسْم الخط والمنهج الذي يسير عليه باقي النهار في عمله، وإن كان فيه نشاط واندفاع، إلا أنه يحتاج إلى الإتقان والانضباط.
• وإذا عمل الربع الثاني من النهار، فالمفروض أن يكون العمل مُتقَنًا مُنضبطًا راسخًا.
• والربع الثالث: مجال للإكثار والزخم في الإنتاج بعد الإتقان والضبط.
• أما الربع الرابع والأخير للتقويم، وعلى المرء أن يُعيد النظر في عمله الذي عمله أثناء النهار كله، فإن كان على ما يرام وعلى الوجه المطلوب ختَمه بخاتمة حسَنة، وبأداء كامل ووافٍ، أما إذا شعر فيه بشيء من القصور والخلل في الإتقان والانضِباط، أو قِلَّة الإنتاج، أو غيرها من العيوب، فإنه يتلافى النقص خلال هذه الفترة.
أيها الإخوة: لكل شيء عصرُه الخاص:
• هذه الأمَّة عصر البشرية؛ فبعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن علامات قرب الساعة.
• وعصر عمر الإنسان: إذا بلَغ العقد الخامس من عمره؛ فأعمار أمة محمد صلى الله عليه وسلم بين الستين والسبعين.
• وعصر شهر رمضان: هو هذا الأسبوع الذي نحن فيه الأسبوع الرابع، وكل عصر يحتاج إلى وقفة للتقويم:
فهلا وقفْنا وقفتَنا التقويمية لشهرِنا الكريم؟!
كيف كان حالنا في رمضان خلال الأسابيع الماضية؟
1- مع صيامنا: هل كان صيامُنا كما أراد الله سبحانه وتعالى وفرَضه علينا، أم لم يكن لنا مِن صيامنا إلا الجوع والعطش؟!
2- مع قيامنا: هل كان قيامنا آناء الليل وأطراف النهار بالقرآن والذِّكر والتسبيح، أو لم يكن لنا من قيامنا إلا السهر والتعب؟
3- مع قراءة القرآن: هل كانت قراءتنا بحضور ذهنٍ وتدبُّرٍ وامتثال، أو كنا نقرأ القرآن والقرآن يلعننا؛ لأننا خالفنا أوامره وارتكبنا نواهيه؟
4- مع الصدقة.
5- مع صِلة الرحم.