من العبادات القولية: الذكر
للذكر مكانة عظيمة من بين العبادات في الإسلام فهو روح العبادات كلها وحياة الإيمان.
إن لكل جارحة من الإنسان عبادة خاصة بها ملائمة لطبيعتها، وهناك عبادات تستغرق الجوارح كلها كالصلاة، والصوم، والحج، والجهاد.
والذكر عبادة اللسان، وعلى الرغم من خفة الذكر على اللسان، وقلة التعب فيه فقد جعل الله سبحانه وتعالى عليه الأجر العظيم فضلاً منه وتمنناً.
أ- أهمية الذكر: لقد ذكرت آيات القرآن الكريم الذكر وأمرت به في كل الأوقات والأماكن والأحوال مما يستغرق حياة الإنسان، وقد وردت مادة (ذكر) ومشتقاتها وتصريفاتها في القرآن الكريم نيفاً وستين ومئتي مرة، مما يدل على سعة الحيز الذي يشغله الذكر.
وجاءت نصوص الكتاب الكريم والسنة النبوية تأمر به وتحث عليه بمختلف الأساليب، وهذه جملة منها:
• يقول عز وجل: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152].
• ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير من ملئه، وإذا تقرب مني شبراً، تقربت منه ذراعاً، وإذا تقرب مني ذراعاً، تقربت منه باعاً، وإذا مشى إلي هرولت إليه»[1].
• وعد الله سبحانه وتعالى بالأجر العظيم للذاكرين الله كثيراً والذاكرات، فقال عز من قائل: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 35].
• ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]، وهي أيام التشريق في منى.
• ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، وهي عشر ذي الحجة.
• ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [آل عمران: 41]، في جميع الأوقات، الليل والنهار..
• ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ﴾ [النساء: 103]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين وكبر الله ثلاثاً وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المئة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»[2].
• ﴿ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: 198].
• يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما جلس قوم مجلساً، يذكرون الله عز وجل، إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله تعالى فيمن عنده»[3].
• ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191].
• ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205]، أي في جميع الأحوال، في حال الرجاء وحال الخوف، سراً وجهراً وفي كل الأوقات صباحاً ومساءً، لتبتعد عنه الغفلة.
ب- أوقات يذكر فيها الله جل جلاله:
ج- أماكن يذكر اسم الله فيها سبحانه وتعالى:
د- أحوال يذكر الله تعالى فيها:
هـ- من جوامع الذكر
بين رسول الله صلى الله عليه وسلم مزايا لبعض الأذكار ولبعض صيغتها تدل على عظيم ثواب من يقولها، منها:
• يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل»[4].
• وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس»[5].
• وقال صلى الله عليه وسلم: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحانه الله العظيم»[6].
• وقال صلى الله عليه وسلم: «أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ فقيل: كيف ذلك يا رسول الله؟ فقال: يسبح الله مئة تسبيحه، فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف سيئة»[7].
• وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عبد بن قيس – أو يا أبا موسى- أولا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قال: بلى، قال: قل: لا حول ولا قوة إلا بالله»[8].
و: من آثار الذكر
للذكر آثار عظيمة حيث يقضي على آفة رئيسية من آفات القلب وهي الغفلة، ويتسبب عن الغفلة مساوئ عظيمة. ومن أهم آثار الذكر:
• طمأنينة القلب وإدخال السكون إليه، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
• إزالة القسوة من القلب: يقول عز وجل: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾ [الزمر: 22].
البعد عن صفة النفاق، فإن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً، قال تعالى عن المنافقين: ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [النساء: 142].
[1] متفق عليه: صحيح البخاري، الحديث رقم 7405، وصحيح مسلم، الحديث رقم 2670.
[2] البخاري، رقم (807)، 1 /289، صحيح مسلم، الحديث رقم (597، 1 /418).
[3] صحيح مسلم، الحديث رقم 2699.
[4] متفق عليه: البخاري، الحديث رقم 6404، مسلم الحديث رقم 2683.
[5] أخرجه مسلم، الحديث رقم 2695.
[6] متفق عليه: البخاري الحديث رقم 6406، ومسلم 2694.
[7] أخرجه مسلم، الحديث رقم 2698.
[8] متفق عليه: البخاري الحديث رقم 425، ومسلم الحديث رقم 2704.