موقع أ.د مصطفى مسلم
الموقع الرسمي لفضيلة الأستاذ الدكتور مصطفى مسلم

كمال أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم

شارك في التأليف: الأستاذ الدكتور فتحي محمد الزغبي.

وقد تحقق كمال خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد اعتدال صورته من خلال أربعة أوصاف:

الوصف الأول:

يتمثل في أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمتع بسكينة تبعث على الهيبة والتعظيم، وتدعو إلى التقديم والتسليم، فكان أعظم مهيب في النفوس حتى ارتاعت رسل كسرى من هيبته حين أتوه، مع ارتياضهم بصولة الأكاسرة ومكاثرة الملوك الجبابرة، فكان في نفوسهم أهيب وفي أعينهم أعظم، وإن لم يتعاظم بأهبة، ولم يتطاول بسطوة، بل كان بالتواضع موصوفاً، وبالوطاء معروفاً.

الوصف الثاني:

كان صلى الله عليه وسلم يتسم بطلاقة موجبة للإخلاص، ومحبة باعثة على المصافاة والمودة، فكان عليه الصلاة والسلام محبوباً، واستحكمت محبة طلاقته في النفوس حتى لم يقله مصاحب، ولم يتباعد منه مقارب، وكان أحب إلى أصحابه من الآباء والأبناء وشرب البارد على الظمأ[1].

الوصف الثالث:

كان صلى الله عليه وسلم يتميز بحسن القبول الجالب لممايلة القلوب حتى تسرع إلى طاعته، وتذعن بموافقته، وكان قبول منظره مستولياً على القلوب، ولذلك استحكمت مصاحبته في النفوس حتى لم يفر منه معاند، ولا استوحش منه مباعد، إلا من ساقه الحسد إلى شقوته، وقاده الحرمان إلى مخالفته.

الوصف الرابع:

ميل النفوس إلى متابعته، وانقيادها لموافقته وثباته على شدائده ومصابرته، فما شذ عنه معها من أخلص، ولا ند عنه فيها من تخصص.

وهذه الأوصاف الأربعة كما يقول الماوردي من دواعي السعادة وقوانين الرسالة، وقد تكاملت فيه فكمل لما يوازيها واستحق ما يقتضيها[2].

وقد أطلق القاضي عياض على هذه الأوصاف أنها خصال الكمال التي هي غير مكتسبة، وفي جبلة الخلقة، وأشار إلى أن المصطفى صلى الله عليه وسلم حائز لجميعها، ومحيط بشتات محاسنها، وجاءت بها الآثار الصحيحة والمشهورة الكثيرة دون خلاف بين نقلة الأخبار لذلك، بل قد بلغ بعضها مبلغ القطع، مثل ما ورد في صورته وجمالها وتناسب أعضائه في حسنها، إلى ما ورد عن نظافة جسمه، وطيب ريحه وعرقه، ونزاهته عن الأقذار وعورات الجسد، حيث خصها الله في ذلك بخصائص لم توجد في غيره، ثم تممها بنظافة الشرع وخصال الفطرة العشر[3].


[1] أعلام النبوة، ص185.

[2] أعلام النبوة، ص158-159.

[3] راجع تفاصيل هذه الخصال والنصوص الواردة في الشفا، ج1، ص81-91، ص198-214، وقد أورد عدداً من الآثار الصحيحة والمشهورة التي تعرضت لهذه الأوصاف، ولعل أشهرها حديث أم معبد وحديث هند بن أبي هالة وغيرهما، راجع أيضاً دلائل النبوة للبيهقي، ج1، ص914-307، البداية والنهاية لابن كثير، ج6، ص1-35، شرح الشفا، ج1، ص351-357، نسيم الرياض، ج1، ص324-366.

 

قد يعجبك ايضا